خلال العقود الماضية، حاول الباحثون والشركات في جميع أنحاء العالم تطوير أجهزة كمبيوتر كمية متقدمة بشكل متزايد. الهدف الرئيسي لجهودهم هو إنشاء أنظمة تفوق الحواسيب التقليدية في المهام المحددة، وهذا ما يُعرف أيضًا بـ "الميزة الكمية".

فريق بحث في شركة D-Wave Quantum Inc.، شركة كندية للحوسبة الكمية، قام مؤخرًا بإنشاء نظام حوسبة كمية جديد يفوق أنظمة الحوسبة التقليدية في مسائل التحسين. يستند هذا النظام، الذي تم تقديمه في ورقة بحثية في مجلة Nature، على نظام ترابطي دوّار قابل للبرمجة يحتوي على 5000 مؤشر كمي (ما يعادل البتات في الحوسبة التقليدية).

"يؤكد هذا العمل الفرضية الأصلية للتصفية الكمية، مع العودة إلى بعض التجارب الأساسية التي أُجريت في التسعينيات،" صرح أندرو دي. كينغ، أحد الباحثين الذين أجروا الدراسة، لـ Phys.org.

"تم أخذ قطع من سبائك الزجاج المغناطيسي وتعريضها لمجالات مغناطيسية متغيرة في هذه التجارب الأصلية، وأظهرت الملاحظات أنه إذا قمنا بصنع نظام دوّار كمي قابل للبرمجة، فيمكن أن يتحرك بسرعة نحو الحالات ذات الطاقة المنخفضة لمشكلات التحسين بشكل أسرع من الخوارزميات التقليدية المماثلة. تم نشر ورقة علمية في مجلة Science في عام 2014 لمحاولة التحقق من ذلك على معالج D-Wave Two، ولكن لم يتم العثور على أي تسريع."

في أحدث أعمالهم، نجح كينغ وزملاؤه في تحقيق تسريع كمي عن طريق زيادة الاتصالية والتماسك في معالج D-Wave Advantage، وهو نظام حوسبة كمية تم تطويره مؤخرًا في D-Wave. وأخيرًا، جعلوا هذا المعالج يعمل في نظام تصفية ترابطي متماسك بدون تأثيرات حرارية، وهو ما لم يتم تحقيقه في الأعمال السابقة.

لتحقيق ذلك، قام الباحثون ببرمجة نظام ترابطي دوّار يحتوي على 5000 مؤشر كمي يمكنهم التحكم به. ثم استخدموا هذا النظام للتعامل مع مشكلات تحسين مختلفة.

هذه هي لحظة "الدوران الكامل"، في الشكل الذي قمنا فيه بالتحقق من فرضية الباحثين في جامعة شيكاغو وشركة NEC، حيث يظهر التصفية الكمية تفوقًا في التطبيقات المحاكاة الحرارية،" صرح كينغ. "تعتبر تجربتنا أكبر محاكاة كمية قابلة للبرمجة تم تنفيذها على الإطلاق؛ حيث أن تكرارها بشكل كلاسيكي يتجاوز إمكانات الأساليب المعروفة."

لتحقيق التصفية المتماسكة بشكل صارم وموثوق، قام الفريق أولاً بتطوير نظام مؤشرات كمية يتكون من 2000 مؤشر، واستخدمه في حل مشكلة بسيطة ذات بُعد واحد يمكن حلها بدقة باستخدام أساليب الحوسبة التقليدية. بالمقابل، قاموا في دراستهم الجديدة بتطوير نظام يحتوي على عدد مزدوج من المؤشرات واستخدموه في حل مشكلة لا يمكن محاكاتها باستخدام أدوات الحوسبة التقليدية.

"لعدة أسباب، تعتبر حوسبة الكم القائمة على التصفية في D-Wave أجهزة الكم الوحيدة التي يمكنها حل هذا النوع من مشكلات التحسين"، صرح كينغ. "السبب الأول هو الحجم: لقد درسنا سلوك التوسع من خلال أنوية ترابطية صغيرة جدًا (250 مؤشر كمي) وحتى تلك الكبيرة جدًا (5000+ مؤشر كمي)؛ حيث يعد الحد الأقصى للأنوية الأخرى حوالي 250. والسبب الثاني هو البرمجة: لقد برمجنا شبكات المؤشرات الكمية بتنسيق ثلاثي الأبعاد، وضبطنا كل تفاعل فردي بين المؤشرات."

قام الباحثون بإجراء تجاربهم على نظام إنتاج عبر الإنترنت، مما يعني أنه يمكنهم تشغيله بجانب أنشطة العملاء على السحابة السحابية. وفي هذه المنصة عبر الإنترنت وباستخدام نظام ترابطي يحتوي على 5000 مؤشر كمي، قاموا أخيرًا بإظهار تفوقًا في مقاييس التحسين.

"لدينا رؤية واضحة للتأثيرات الكمية ودليل واضح جدًا، سواء نظريًا أو تجريبيًا، على أن التأثيرات الكمية تمنح ميزة في توسعية الحسابات مقارنة بالأساليب الكلاسيكية"، قال كينغ. "نريد أن نسلط الضوء على الفرق بين هذا التعريف الأصلي للتفوق الكمي وحقيقة استخدامه في بعض الأحيان كمصطلح بديل للسيادة الكمية، والتي لم نثبتها. لم تظهر أجهزة الكم القائمة على الأبواب أي قدرات تقترب من ذلك في التحسين، وأنا شخصيًا لا أعتقد أنها ستفعل ذلك أبدًا."

بناءً على أعمالهم الأخيرة، يعتقد كينغ وزملاؤه أن حوسبة التصفية الكمية ستكون دائمًا أفضل من النموذج القائم على الأبواب في مسائل التحسين. ولهذا السبب، تركز D-Wave حاليًا على تطوير كلا من هاتين المنصتين.

"لفترة طويلة، كان هناك جدل حول ما إذا كانت الديناميكيات الكمية المتماسكة تلعب أي دور في حوسبة التصفية الكمية"، أضاف كينغ. "في حين أن هذه الجدل قد تم تفنيده من خلال الأعمال السابقة، إلا أن هذه الأبحاث الجديدة هي أوضح دليل حتى الآن على ذلك."

عمل الفريق من الباحثين والنظام ذو 5000 مؤشر كمي الذي قاموا بتحقيقه يعد مساهمة كبيرة في مجال الحوسبة الكمية، والذي يسلط بشكل خاص الضوء على إمكانية التعامل مع مشكلات التحسين باستخدام أنظمة الحوسبة الكمية. تركزت ورقتهم الأخيرة على تحقيق ميزة كمية على أنظمة كلاسيكية في مجال مشكلات التحسين عن طريق التحكم الدقيق في الديناميكا الكمية لنظام كبير. وفي أعمالهم المستقبلية، يود كينغ وزملاؤه أيضًا قياس قدرة الأساليب الكلاسيكية المحدودة وإظهار أن قدرات نظامهم يمكن أن تتجاوز تلك الخاصة بأجهزة الحوسبة العالية الأداء.

"يمكننا أيضًا رؤية تأثيرات التماسك بوضوح شديد في معالجاتنا"، أضاف كينغ. "معالج Advantage2، الذي يعتبر حاليًا قيد التطوير، يعد بتحسينات كبيرة في هذا المجال، لذا نحن متحمسون حقًا لرؤية ما يمكننا القيام به، ليس فقط من حيث التحسين المحسّن لتطبيقات العملاء، ولكن أيضًا من خلال تجارب أكثر تفردًا في التصفية المتماسكة."

مخلص بحث منشور في نيتشر "Nature " 2023. للمزيد راجع.

Andrew D. King et al, Quantum critical dynamics in a 5,000-qubit programmable spin glass, Nature (2023). DOI: 10.1038/s41586-023-05867-2